ليس
الهدف من هذه المقالة هو تحليل ما حرم الله فالله سبحانه وتعالى لم يحرم إلا ما هو
غير مفيد للبشرية والمجتمع.
الربا
هو تلك المعاملة بين شخصين طبيعيين مقرض وقارض بهدف أن يستفيد المقرض بزيادة في
أصل قيمة القرض.
- ولقد
ورد في العديد من الآيات حث على عدم التعامل به كما جاء في سورة البقرة الآية ١٨٨ {وَلَا
تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ثم في البقرة الآية ٢٧٥ {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ
إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ
الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ
مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ
عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} عقاب الأخرة هذا للمقرض فقط لأنه هو من يأكل
الربا وفى الآية التالية ٢٧٦ {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ
لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} يمحق أي يهلك وينقص
المال ويذهب بركته، ثم تأتى الآية ٢٧٩ {فَإِنْ لَمْ
تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ
فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}.
- لم يرد في القرآن حد صريح على المعاملة بالربا ولكن
تم تحريمها ويقع الإثم على المقرض فقط وكفارته أن يأخذ أصل المال فقط كما جاء في
سورة البقرة الآية٢٧٩ {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا
تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} أما المقترض فلم يرد نص بشأنه.
وهنا
يرد سؤال هل المقرض خرج من الدين ولا يجب التعامل معه في مجالات أخرى.
وهل
المقترض تنطبق عليه حالة المضطر المحتاج بالقياس كما جاء في سورة المائدة الآية ٣ {فَمَنِ
اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} مخمصة أي في
مجاعة، فيحل له أكل أشياء حرمها الله،
غير متجانف أي غير مائل عمدا لذلك فله تناوله فإن الله
غفور رحيم به.
وفى
سورة الأنعام الآية ١١٩ {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا
اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}
- وورد
في القرآن آيات صريحة عن الحدود كالسرقة في سورة المائدة الآية ٣٨ {وَالسَّارِقُ
وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}
وكفارة
الأيمان المائدة ٨٩ {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ
وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ
عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ
أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ
كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ}
وكفارة
قتل الصيد أثناء العمرة والحج المائدة ٩٥ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا
الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ
مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا
بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ
صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ}
- وهناك
أشياء مذكورة في القران ليس عليها حد أو كفارة أمرنا باجتنابها وعدم فعلها كشرب
الخمر كما جاء في سورة المائدة ٩٠ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ
مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ولم يتطرق القران لجلد شارب الخمر في حين أنه تطرق لجلد الزاني
والزانية وكذلك من يتهمون المحصنات بدون إثبات، وكأكل الميتة ولحم الخنزير كما جاء
في سورة الأنعام الآية ١٤٥ {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا
أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ
فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ
فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
وبالنسبة
للربا الآية ٢٧٨ من سورة البقرة {وَذَرُوا
مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وذروا ما بقي من
الربا أي واتركوا طلب ما بقي لكم من الزيادة على رؤوس أموالكم.
- في
عصرنا الحالي اقتصرت عمليات الإقراض على البنوك والبنك ليس شخص بل هو كيان يهدف
لخدمة المجتمع كبيت المال قديما ويستثمر أمواله في مجالات عدة لدعم المجتمع وبنائه
ومن ضمن وسائلة إقراض المواطنين المضطرين المحتاجين.
وبتطبيق
الشق الأول من هذه المقالة فالمضطر ليس عليه إثم أو ذنب.
وحيث
أن البنك كيان اعتباري يتعامل في مجالات عدة لازمة للمجتمعات الحديثة فلا ينطبق
علية تحريم التعامل معه بسبب شيء لم ترد له عقوبة أو كفارة في الحياة الدنيا.
الربا
بين الأفراد هو ربا واضح ويتحمل وزرة المقرض وليس المقترض.