وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لماذا اختص سبحانه الماء؟
الماء
يتكون من اتحاد ذرتين من الهيدروجين وذرة من الأوكسيجين فإذا علمت إن الطاقة
الكامنة في كوب من الماء قادرة على تحريك عبارة عملاقة حول العالم وإن ذرة
الهيدروجين المكونة من إليكترون واحد ونواة بها بروتون ونيترون هي أصل جميع
العناصر بالاندماج النووي، وإن ذرات الهيدروجين والتي وصفها القران بالدخان سورة
فصلت الآية ١١ {ثُمَّ
اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا
طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} وهو من تسببت فيما يسمي الانفجار
العظيم الذي تسبب في خلق الكون وان هذا الانفجار ما زال في تمدد وتوسع حتى الآن سورة
الذاريات الآية ٤٧ {وَالسَّمَاءَ
بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}، وإن الإليكترون الذي كان يظن أنه أصغر جسيم اثبت العلم أنه مكون
من جسيمات أصغر منة وما زالت الاكتشافات تتوالى، وإذا علمت أن الذرات في حركة
مستمرة وأن الإلكترونات تدور بسرعة فائقة حول نواتها في جميع العناصر، وإذا علمت
أيضا أن من مظاهر الحياة الحركة والتي تتوفر في جميع العناصر والتي تظنها جامدة
ساكنة ولكنها في الواقع في حركة مستمرة لا تدركها، لعلمت عظمة الخالق وقدرته وعلمه
في اختيار الماء وجعلة أصل كل شيء حي ويشمل هذا التعبير الجماد أيضاً المتكون من
العناصر التي بها إلكترونات في حركة دائمة حول نواتها إلى أن يشاء الله وأظنها
حركة تسبيح لخالقها.
ورد في
سورة هود الآية ٧ {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} وفيها يبين سبحانه قدرته على كل شيء
وأنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام وأن عرشه سبحانه وتعالى كان على الماء قبل
أن يخلق السماوات والأرض.
الأيام
الستة هي بعلم الخالق وليس بعلمنا فاليوم بعلمنا هو حركة الأرض حول نفسها دورة
كاملة أمام الشمس وإذا خرجنا في الفضاء فلا معني ودلالة لليوم.
والعرش بمعني
ما يرفع عليه السقف كالقوائم مثلاً ومنه قوله تعالى {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير
معروشات} سورة الأنعام
الآية ١٤١، ومن هنا كان التوسع بمصطلح العرش في كل ما من شأنه العلو والارتفاع
فقيل للملك صاحب العرش أي صاحب السمو والارتفاع كما في قوله تعالى {ولها عرش عظيم} سورة النمل الآية ٢٣ أي لها سلطان
وملك كبير وبهذا يظهر أن عرش الله تعالى هو سلطانه وحكمه ونفوذه وقدرته.
ولما لم
يكن هناك إلا الماء الذي خلقه الله تعالى قبل أن يخلق السماوات والأرض فمن الطبيعي
أن يكون سلطانه على الماء الذي جعله سبحانه وتعالي منشأ الحياة كما بين تعالى هذه
الحقيقة بقوله {وجعلنا من
الماء كل شيء حي} سورة الأنبياء
الآية ٣٠
فالخوض في
الكيفية وتفصيل ذلك وكيفية الاستعلاء مما لا قبل لعقولنا بفهمه وإدراكه إذ التعبير
عنه لتقريب الفهم وأن الماء الذي كان أول شيء خُلق وكان ملازماً لسلطان الخالق
وقدرته جعله مباركاً وأصل الحياة وكما أثبت ذلك العلم الحديث فلا حياة بدون ماء.