الأحد، 6 أبريل 2025

التوراة والإنجيل

الكتب السماوية هي خطاب الله لخلقة في جميع الأديان مبشراً ومنذراً وبالتالي لا يطالها الانحراف أو القصور أو الخلل كما جاء في سورة الكهف الآية ١ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا}، وفى سورة النساء الآية ٨٢ {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} وهذا ما يتحقق في الكتب التي يكتبها أو ينقلها البشر من اختلافات في الأسلوب والطريقة والهدف ونحن المسلمون مأمورين بالإيمان بهذه الكتب السماوية ليكتمل إيمانا، والإيمان معناه أنها كتب من عند الله أنزلها على أمم بعينها بواسطة رسل اصطفاهم من هذه الأمم وهذه الكتب تشتمل على أحكام وشرائع اختص الله بها هذه الأمم دون غيرهم، والمطلع علي هذه الكتب الموجودة الحالية فإنها تتكون من أسفار وهى بمثابة مواضيع رئيسية، كسفر التكوين وهو أول أسفار الكتاب المقدس العبري {التوراة} والمعروف بالعهد القديم عند النصارى وهي خمسة أسفار {التكوين – الخروج – اللاويين – العدد – التثنية} والتي يزعم اليهود بأن الله أنزلها على موسي علية السلام بالإضافة لأسفار أخري اضيفت لاحقا، ويتكون السفر من عدد من الإصحاحات وهى بمثابة السور في القران وهو يضم فقرات وموضوعات بمثابة الآيات في القران.
وبالنسبة للعهد الجديد {الإنجيل} فإنه يحتوي على عدد من الأناجيل التي قام تلاميذ السيد المسيح الملقبون بالحواريين بكتابتها ونقلها عن السيد المسيح ومن أشهرها {إنجيل متى – إنجيل مرقص – إنجيل لوقا – إنجيل يوحنا} بالإضافة إلي أناجيل أخري تم إضافتها لاحقا وكل إنجيل يتكون من اصحاحات وآيات، وذلك مخالف لما جاء في سورة الحديد الآية ٢٧ (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ) معني ذلك أن الأناجيل الموجودة حاليا ليست إنجيل سيدنا عيسي الذي أنزله الله علية، والقارئ لهذه الكتب يتضح له جليا أنها كلمات بشر وليست كلمات من الله لخلقة كما هو الحال في القرآن.
ولقد بين الله ذلك في سورة آل عمران الآية ١٨٧ (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) لتبيننه أي ليبينوا للناس ما فيهما ولا يكتموا ذلك ولا يخفوه، كما وردت كلمة يحرفون في العديد من الآيات بمعني تبديل وتغيير وإخفاء وكما جاء في سورة المائدة الآية ١٥ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ) وفي سورة الأنعام الآية ٩١  (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا) وكما جاء في سورة الأعراف الآية ١٦٩ (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ) بمعني فخلف من بعدهم أي فجاء من بعدهم ورثوا الكتاب أي أخذوا التوراة من أسلافهم، يأخذون عرض هذا الأدنى أي يأخذون ما يعرض لهم من متاع الدنيا ويقولون مع ذلك إن الله سيغفر لنا ذنوبنا وإن يأت هؤلاء اليهود عرض مثله أي متاع زائل من أنواع الحرام يأخذوه ويستحلوه، ألم يؤخذ على هؤلاء العهد بإقامة التوراة والعمل بما فيها وألا يقولوا على الله إلا الحق، ودرسوا أي وعلموا ما في الكتاب فضيعوه وتركوا العمل به. وكما جاء في سورة الروم الآية ٣٢ (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) فرقوا دينهم أي بدلوا دينهم وغيروه فأخذوا بعضه وتركوا بعضه تبعا لأهوائهم فصاروا شيعا أي فرقا وأحزابا يتشيعون أي ينحازون لأحزابهم وآرائهم وكل حزب بما لديهم فرحون يظنون بأنهم على الحق وغيرهم على الباطل.
ولقد تناولت سورة البقرة ذلك من قبل اليهود بدأ من الآية ٧٦ (وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) بمعني أنهم كانوا يدركون أن ما جاء به القران يتوافق مع ما جاءت به التوراة التي كانت بين أيديهم، ثم في الآية ٧٩ (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) فويل أي فهلاك ووعيد شديد لأحبار اليهود الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله وهو مخالف لما أنزل الله على نبيه موسى ليأخذوا في مقابل هذا عرض الدنيا، وورد في الآية ٨٥ (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) الكلام هنا موجهه لليهود وبالبحث في التوراة الموجودة حاليا لا يوجد نص صريح موجود حاليا بذلك المعني، ثم تأتي الآية ٨٩ (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) بمعني ان بعد ما جاءهم القرآن مصدقا لما معهم في التوراة أنكروا نبوة محمد وكانوا قبل بعثته يستنصرون به على مشركي العرب ويقولون قرب مبعث نبي آخر الزمان وسنتبعه ونقاتلكم معه، ثم تتبعها الآية ١٠١ (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ)، ثم تأتي الآية ١٠٦ من سورة البقرة (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) ولم يدرك البعض أن هذه الآية الكريمة تشمل جميع آيات الله التي أنزلها في كتبه علي عبادة، فقد حرم الله أشياء علي بعض الأمم وأحلها لأمم أخري.
وفي الآية ١٥٩ (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ) أي إن الذين يكتمون ما أنزلنا من الآيات وهم أحبار اليهود وعلماء النصارى ممن يكتمون ما أنزل الله في كتبهم من الحق.
وفي الآية ١٦٠ (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا) وبينوا أي أظهروا ما كتموه.
وفي الآية ١٧٤ (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا) يكتمون أي يخفون ما أنزل الله في كتبهم من الحق، ويشترون بمعني يأخذون مقابل لهذا الإخفاء.
وورد في سورة البقرة الآية ٢١١ (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) إشارة واضحة من تبديل بني إسرائيل للآيات المنزلة عليهم في التوراة.
ورد في سورة آل عمران الآية ٩٨ (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ) هذه الآية تخاطب أهل الكتب السابقة للقرآن بتحريف كتبهم واخفاء ما جاء فيها.معني ذلك أن الكتب الأصلية المنزله من عند الله قد تم إخفائها واستبدالها بأخري تخدم أهواء كهنتهم ورهبانهم.

ليست هناك تعليقات: