الجمعة، 23 أغسطس 2024

أحلت لنا ميتتان ودمان

هناك أمور في الدين وصلت إلينا من كتب الأوائل تخالف ما أنزل الله من تحريم الميتة والدم كما جاء في العديد من السور ففي البقرة الآية ١٧٢ {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} وسورة المائدة الآية ٣ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} وسورة النحل الآية ١١٥ {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}.

بعد كل هذه الآيات يرد ما هو مخالف لهذا التحريم في حديث منسوب للرسول {أحلت لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان فالسمك والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال رواه أحمد وغيره.

وكأن أنفسنا تشتاق لهما فلم يحرم الله علينا إلا كل خبيث وضار وهنا يجب أن نفرق بين السمك النافق الذي يطفوا على سطح الماء فهو ضار ويمكن أن يكون مسمما وبين السمك الذي نصطاده ثم يموت ولا يمكث عدة أيام (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ) المائدة ٩٦ وينطبق ذلك على الجراد النافق. 

وبالنسبة للكبد والطحال فهما أنسجة وليسا دما ولكن الدم المحرم هو الدم المراق أو المسفوح سورة الأنعام ١٤٥ {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}

فهل قام رسول بتحليل ما حرم الله؟ وهو الذي أرسله الله مبشرا برحمته ومنذرا من عصيانه ومخالفة أمره، ولم يرسله مشرعاً ومعدلاً على كلماته {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} سورة الفرقان الآية ٥٦ ثم تكررت نفس الآية في سورة الإسراء ١٠٥ وكما جاء في سورة النمل الآية ٩٢ {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ}.

لذا وجب علينا التدبر والتفكر في كل ما يقال وينقل إلينا وكما أمرنا بذلك ربنا في العديد من الآيات كما جاء في سورة النساء الآية ٨٢ {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} وفي سورة محمد الآية ٢٤ {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} وورد التدبر بصيغ مختلفة كما جاء في سورة الأنعام الآية ٩٧ {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} وفي سورة التوبة الآية ١٢٧ {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} وفي سورة يونس الآية ٢٤ {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} يونس ٣٩ {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} بمعنى بل سارعوا إلى تكذيب القرآن أول ما سمعوه وقبل أن يتدبروا آياته ويحيطوا بعلمه، وكما جاءت في سورة الروم الآية ٥٠ {فَانْظُرْ إِلَى} بمعني فانظر نظرة تأمل وتدبر وتفكر، وفي سورة الصافات الآية ١٥٦ {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}.

قراءتك للقرآن بتدبر وتفكر ستتيح لك في كل مرة فهم معاني مختلفة كُل علي حسب علمه وثقافته، ولا تقيد وتحصر نفسك في آراء غيرك فهم ليسوا معصومين من الخطأ والزلل فهم بشر مثلك وربما تكون أفضل منهم بعلمك ومعارفك وآليات عصرك.

ليست هناك تعليقات: