الأربعاء، 13 نوفمبر 2024

وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ

إذا تأملت الآية ١١ من سورة الطارق {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}

‏لم يفهم المفسرون الأوائل إلا أحد معاني الرجع وهو إرجاع المياه التي تم تبخيرها من على سطح البحار في صورة أمطار تهطل ولذا سمي المطر رجعا ولكن اللفظ القرآني لم يقل ذات المطر بل قال ذات الرجع ويفهم منه أن السماء تقوم بإرجاع أشياء أخرى وقد كشف العلم عن صور أخرى لرجع السماء وعلى ذلك فإن وصف السماء بأنها ذات الرجع في القرآن الكريم يجمع كل هذه الصور التي نعرفها اليوم وربما العديد من الصور التي لم نعرفها بعد وكل هذا في كلمة واحدة وهي الرجع وهذه الكلمة الجامعة هي شهادة صدق بأن القرآن الكريم هو كلام الخالق.

وها هو العلم اليوم يتوصل إلى هذه الحقائق التي أخبرنا الله بها في كتابه الكريم فتوصل علماء الفلك إلى أن النجوم في حركة مستمرة وتدور في فلكٍ بيضوي أو دائري وترجع أو تعود حيثما كانت وبصفة دورية.

أما الصدع فهو تشقق الأرض ولم يختلف الأمر بالنسبة لعلماء الجيولوجيا الذين توصلوا إلى أن أفضل وصف يمكن أن توصف به الأرض هو الأرض ذات الصدع فقد كانت القارات متصلة ثم تصدعت فإذا ذهبت لتصف الأرض منذ أن خلقها الله وحتى الآن فإنها في تصدع مستمر وكذلك حركة الصفائح التكتونية أسفل القارات.

وقد كشف العلم عن عدد من صور الرجع منها:

 - الرجع الاهتزازي للهواء تحتوي الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض على غازات والتركيب الكيميائي والصفات الفيزيائية لهذا المكونات يعتبر من الضروريات الأساسية للحياة ومنها القدرة على السمع فلو لم يكن لنطاق الرجع هذه الكثافة الغازية المحددة ما أمكن للاهتزازات المحدثة للأصوات أن تُسمع فعندما تهتز أحبالنا الصوتية تحدث اهتزازاتها ضغوطاً في الهواء تنتشر على هيئة أمواج تتحرك في الهواء في كل الاتجاهات و تتلقاها طبلة الأذن فتحدث بها من الاهتزازات ما يمكن من سماعها بوضوح وذلك لأن الصوت لا ينتقل في الفراغ.

- الرجع المائي يغطي الماء أكثر قليلاً من٧١% من مساحة الأرض وهذا الماء يتبخر من أسطح المحيطات والبحار وهذا البخار تدفعه الرياح إلى الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض وتحمله السحب حيث يتكثف ويعود إلى الأرض مطراً أو ثلجاً وبدرجة أقل على هيئة ندى أو ضباب وتسمى بدورة الماء في الطبيعة ولولاها لفسد كل ماء الأرض الذي يحيا ويموت فيه بلايين الكائنات في كل لحظة ولتعرض كوكبنا لحرارة قاتلة بالنهار ولبرودة شديدة بالليل.

- الرجع الحراري يصل إلى الأرض من الشمس كميات هائلة من الأشعة ويعمل الغلاف الغازي للأرض كدرع واقية لنا من حرارة الشمس أثناء النهار لأن ذراته وجزيئاته تمتص وتشتت وتعيد إشعاع هذه الأشعة الشمسية في كل الاتجاهات بعيداً عن الأرض أما بالليل فانة يحتفظ بحرارة الأرض من التشتت ويردها إلى الأرض ولولا هذا الرجع الحراري إلى الخارج لأحرقت أشعة الشمس كل صور الحياة على الأرض ولتبخر الماء.

- رجع الغازات والأبخرة والغبار عندما تثور البراكين فإنها تدفع بملايين الأطنان من الغازات والأبخرة والأتربة إلى جو الأرض الذي سرعان ما يرجع غالبية إلى الأرض كذلك يؤدي تكون المنخفضات والمرتفعات الجوية إلى دفع الهواء في حركة أفقية ينشأ عنها الرياح والغالبية العظمى من المنخفضات الجوية تتحرك مع حركة الأرض أي من الغرب إلى الشرق بسرعات تتراوح بين ٢٠ و ٣٠ كم/س وعندما تمر المنخفضات الجوية فوق اليابسة تحتكّ بها فتبطؤ حركتها قليلاً وتحمل بشيء من الغبار الذي تأخذه من سطح الأرض وإذا صادف المنخفض الجوي في طريقه سلاسل جبلية معترضة فإنه يصطدم بها مما يعين على إبطاء سرعتها وعلى عوده الهواء إلى أعلى ولما كان ضغط الهواء يتناقص بالارتفاع فإن قدرة الهواء على الاحتفاظ بالغبار المحمول من سطح الأرض تضعف باستمرار مما يؤدي إلى رجوعه إلى الأرض وإعادة توزيعه على سطحها بحكمة بالغة.

- الرجع الخارجي للأشعة فوق البنفسجية بواسطة طبقة الأوزون التي تمتصها وبذلك تحمي الحياة على الأرض من أخطار تلك الأشعة المهلكة التي تحرق كلاًّ من النبات والحيوان والإنسان وتتسبب في العديد من الأمراض مثل سرطانات الجلد وإصابات العيون وغيرها ويمكن أن تؤدي إلى تبخير ماء الأرض بالكامل.

- رجع موجات الراديو اللاسلكية بواسطة النطاق المتأين بين١٠٠ و ٤٠٠ كم فوق مستوى سطح البحر تُمتص الفوتونات النشيطة القادمة مع أشعة الشمس مثل الأشعة السينية فتؤدي إلى رفع درجة الحرارة وزيادة التأين ونظراً لانتشار الإليكترونات الطليقة في هذا النطاق فإنها تعكس موجات الراديو المبثوثة من فوق سطح الأرض وتردها إليها فتيسر عمليات البث الإذاعي والاتصالات وكلها تمثل صوراً مختلفة من الرجع.

ليست هناك تعليقات: